السبت، 29 فبراير 2020

الدكتور سيد البحراوي: ثقافة الثورة





الدكتور سيد البحراوي: ثقافة الثورة






رغم الأبحاث القيمة التي يتم تقديمها في كتب المؤتمرات الثقافية بمختلف أنواعها، إلا أنها تبدو بالنسبة للكثيرين من جمهور القراءة والاطلاع عسيرة المنال، واليوم كنت أقرأ هذه المقدمة القصيرة من الاستاذ الدكتور سيد البحراوي فأعجبتني فرأيت أن أنقلها لكم.
الاستاذ الدكتور سيد البحراوي:
 ثقافة الثورة
كتاب أبحاث مؤتمر اقليم وسط وجنوب الصعيد الثقافي المؤتمر الأدبي الثاني عشر، مارس 2012


===========  صـ11
الثورة فعل ابداعي، تغيير جذري عنيف أو سلمي تقوم به جماعة وليس فردا ولا مجموعة من الأفراد لنظام حياة كامل يتضمن القيم والمؤسسات والأفراد.
لقد قصدت هذا الترتيب المعكوس لعناصر الناظام التي ينبغي أن تغيرها الثورة. هو معكوس لأن الواقع الفعلي يبدأ بتغيير الأشخاص الذين يحكمون، ثم المؤسسات، وأخيرا القيم المجتمعية التي قد تأخذ وقتا أطول كي تتغير.
ومع ذلك فإنني أرى أن ترتيبي هو الأصح، لسببين:

الأول: هو أن الثورة - وإن كانت نتاجا لوضع اقتصادي اجتماعي مرفوض - فإنها حين تخرج ، تخرج بشعارات وبرنامج شامل لحياة جديدة مناقضة لما كان. وهذه الشعارات والبرامج تنتميان إلى نسق القيم الجديد الذي ينبغي أن يسود المجتمع
============ صـ12
والثاني هو أنه إذا كان تغيير الأفراد والمؤسسات يتم على نحو لا يؤدي إلى سيادة نسق القيم الجديد، فإن الثورة تكون قد فشلت، لأنه لا يمكن أن يقوم نظام الحكم الجديد بمؤسسات وأفراده على نسق القيم القديم.
وأرجو أن يكون واضحا - هنا - أن نسق القيم، يعني بالنسبة لي الثقافة بمعناها الواسع، وليس ما شاع بيننا وزرا طوال التاريخ.
***
ورغم أن المظاهرات التي بدأت يوم 25 يناير 2011 جاءت امتدادا لتاريخ من النضال الطويل ضد أنظمة فاسدة مستبدة، ورغم أن قادتها الشباب قد تربوا على هذا النضال وعلى أساتذة تاريخيين مثقفين ومناضلين قٌمِعوا، وهمشوا، فإن تحول المظاهرا إلى ثورة، بإنضمام بقية طبقات الشعب المصري إليها، جاء عفويا وتلقائيا، ومن ثم فقد انحصرت مقومات الثورة في مجموعة من الشعارات، دون برنامج حياتي ولا أفراد قادة، ولا تصور مؤسسي.
ومع ذلك، فإن الشعار الأساسي الذي رفعته الجماهير والذي تراوح بين (خبز/ حرية/ كرامة إنسانية) أو (كرامة، حرية/ عدالة اجتماعية) يتضمن - بغض النظر عن ترتيب الأولويات - نفس المطال التي تحمل قيم الحرية والعدل والكرامة.
ولكن لأن الثوار، أو قادة الثورة، ليسوا هم من تولى أمور البلاد، واستمرت ادارة البلاد بنفس النهج القديم تقريبا، فإن ما تحقق من الشعارات الثلاثة هو بعض الحرية، وبعض الكرامة، دون أي قدر من العدالة، وخاصة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وللأسف فإن ما تحقق - مع إيجابيته - حمل بعض السلبيات بسبب الانفلات الأمني أساسا - تمثلت في انفكاك عقال النزعات الطائفية والدينية، على نحو يهدد ما أنجز وما ينبغي أن يتحقق. وهنا يأتي الدور الأساسي لثقافة الثورة والذي أراه فيما يلي:
================== صـ13
1- تحقيق العدل على مستوى الثقافية، بإعادة الاحترام للنسيج الثقافية العميق وللثقافة الشعبية بقنونها وقيمها الايجابية، وخاصة في جانب التعايش الديني العميق الذي يتبناه المصريون، أيا كانت دياناتهم ، والمتجسد في وحدتهم الوطنية دون صراع أو عنف.
2- نقل الحوار الفوقي في المؤتمرات القاهرية إلى حالة حوار مجتمعي في كل أنحاء مصر قراها ونجوعها ومدنها وعشوائياتها ، وفي كل الأماكن الممكنة في الساحات ومراكز الشباب وقصور وبيوت الثقافة، ويشارك فيه كل ألإراد المجتمع وفعالياته المحلية وكل القوى الفكرية والسياسية.
3- ضرورة محو أ/ية المصريين فورا وتكاتف كل الوزارات المسئولة: الثقافة والتعليم، والتعليم العالي، والشباب ، والمحليات، والأوقاف، عبر مشاركة شعبية واسعة بحوافز مادية ومعنوية.

4- تمكين المثقفين الوطنيين من القيام بدورهم الطليعي وخاصة في الأقاليم، عبر مجموعات عمل شعبية تتولى مهام إدارة الحوار والمراقبة والمشاركة في اتخاذ القرار.
============================= 
**** إنها مقدمة قصيرة للغاية لكنني اظنها كفيلة لفتح سياق كبير من الجدل والحوار والنقاش حولها.****




والثاني 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مفهوم وحدة القصيدة عند النقاد الرومانسيين (جماعة الديوان)

مفهوم وحدة القصيدة عند النقاد الرومانسيين (جماعة الديوان) بحث: الناقد وائل النجمي يعد مفهوم "وحدة القصيدة" من المفاهيم اله...